روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

Translate

الأربعاء، 1 يونيو 2022

الوقاية خير من العلاج.... لباس المرأة أمام النساء كتبه الشيخ الفاضل ناصر بن حمد الفهد

 


  1. المقدمة......
  2. الوقاية خير من العلاج......
  3. أزواج على طرفي نقيض......
  4. أخطاء يقع فيها بعض الأزواج.....
  5. عشر وصايا لزوجة تريد أسرة بلا مشاكل...
  6. وقفة معك أيها الزوج..................................
  7. الخاتمة .............. 
  8. .......................................

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

أما بعد:

 

فلقد وضع الإسلام القواعد الحكيمة للحفاظ على الأسرة من الشقاق و الشتات .. وأرسى المبادئ القويمة التي تدرأ عنها المشكلات؛ تلك المشكلات؛ التي تنغص على الزوجين سعادتهما وتذهب بالمودة والسكينة بينهما. كما منع الإسلام كل ما من شأنه أن يفرق بين أفرادها، أو يعيق الأسرة عن تحقيق أهدافها...

 

إن اهتمام الإسلام بالأسرة له أسبابه؛  فالأسرة هي اللبنة القوية التي يبنى بها صرح المجتمع المسلم، وهي المدرسة الإيمانية التي تخرج الأجيال المسلمة.

 

لذلك فقد حرص أعداء الإسلام أن يفرقوا شملها ، ويزعزعوا أركانها ؛ لتفقد قدرتها على الإنتاج والعطاء، فأدخلوا باطلهم إليها عبر وسائل كثيرة من أهمها الإعلام.

 

إن مما يؤسف له أن هذه الأسرة المستهدفة من قبل أعدائها مهددة أيضاً من قبل أصحابها المسؤولين عنها وبالأخص: الزوج بالدرجة الأولى والزوجة ثانياً.

 

وحرصاً منا على سلامة الأسرة المسلمة من المشكلات التي تعصف بها رأينا أن ننبه الزوج إلى بعض الأخطاء المهمة التي لها الأثر الكبير في هدم الأسرة وزرع الحقد والبغضاء بين أفرادها؛ لكي نصل باجتناب الوقوع في مثل هذه الأخطاء ونحوها إلى "أسرة بلا مشكلات" إلا ما كان عارضاً ومما هو من طبيعة البشر والتي لم يسلم منها حتى بيت النبوة كالغيرة بين النساء ونحوها، وحتى هذا النوع من المشكلات فإن فقه الزوج والزوجة لمسؤوليتهما وواجباتهما كفيلان ـ بإذن الله ـ بحل مثل هذه الإشكالات العارضة. ولقد وصينا الزوجة ببعض الوصايا التي من شأنها ـ إن أخذت بها ـ أن تجعل من بيتها عشاً هادئاً، ومكاناً آمناً تسوده المحبة والرحمة، والسكن والألفة .. وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

وكتبه

 

مازن بن عبد الكريم الفريح

الرياض – الروضة – مدرسة ابن الجوزي المتوسطة

فاكس: 4918251

ص.ب: 87782

الرياض: 11652

 


المبحث الأول :

الوقاية خير من العلاج

 

هناك أمور مهمة لا بد من مراعاتها قبل الزواج لوقاية الأسرة المسلمة من المشكلات التي ربما أوهنت جدارها، ومن هذه الأمور:

 

1-  حسن الاختيار :

على الرجل أن يتأكد من صلاح المرأة التي ستكون في المستقبل القريب زوجته وأم أطفاله وموضع سره، وليعلم المسلم أن تفريطه في التحقق من صفات مخطوبته سيعرضه إلى مشكلات عظيمة ومصائب جسيمة.

إن من أهم الصفات التي ينبغي للمسلم الحرص عليها فيمن سيختارها لتكون شريكة له في بيته وحياته صفة التقوى والصلاح، وفي هذا يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: " تنكح  المرأة لأربع: لدينها ولمالها ولحسبها ولجمالها فاظفر بذات الدين تربت يداك" . قال الإمام النووي رحمه الله: "الصحيح في معنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله الناس في العادة، فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع، وآخرها عندهم ذات الدين فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين"

وما يقال عن المرأة يقال أيضاً عن الرجل، فلا بد من التأكد من صلاحه وتقواه والله عز وجل يقول: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم..) النور، الآية: 32.

 

ويقول إمام الهدى عليه أفضل الصلاة والسلام: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".

 

كما ينبغي سؤال أهل التقوى والصلاح واستشارتهم في أمر الزواج كما فعلت فاطمة بنت قيس رضي الله عنها حيث قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أبا الجهم ومعاوية خطباني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما معاوية فصعلوك لامال له، وأما أبو الجهم فلا يضع العصا على عاتقه"، فرسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى أحوال كلا الرجلين بين أن الأول، فقير، والثاني "ضراب للنساء" كما جاء في رواية لمسلم.

 

2-  النظر:

كم من الأسر تفككت روابطها وهي في أشهرها الأولى لعدم الوئام القلبي بين الزوج والزوجة .. ودليل القلب وقائده وبريده النظر .. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمغيرة وقد خطب امرأة: " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما". قال المغيرة رضي الله عنه: " فنظرت إليها، ثم تزوجتها، فما وقعت عندي امرأة بمنزلتها". فانظر إلى من تريد خطبتها ثم اسأل قلبك بعد ذلك: هل أحببتها أو يمكن أن تحبها؟ واحذر (أو احذري) أن تخادع نفسك أو تستحيي أن تصارح أهلك!!

 

3-الشروط قيود فلا توافق إلاّ على ما تستطيع القيام به:

كثير من المشكلات التي تحدث بعد الزواج هي لإخلال الزوج ببعض الشروط التي وافق عليها عند العقد ولم يستطع الوفاء بها بعد الزواج، يوم أن ذهب الاندفاع والحماس العاطفي، وأحس بثقل تلك الشروط التي ألزم نفسه بها، و"المسلمون على شروطهم" .. وأحق الشروط وفاءً، ما استحللتم به الفروج فاحذر أن تلزم نفسك بشروط لا تستطيع الوفاء بها.

 


المبحث الثاني:

أزواج على طرفي نقيض

 

الذي يدقق النظر في الواقع الذي تعيشه بعض الأسر اليوم في مجتمعنا، يجد أن هناك فئة من الأزواج على طرفي نقيض .. بين إفراط وتفريط في تعاملهم مع زوجاتهم...

 

الطرف الأول: أهانوا الزوجة وتعدوا على حقوقها، وارتكبوا بحقها أخطاء منكرة .. لا تقرهم عليها الشريعة التي أعطت للمرأة كرامتها وأعلنت منزلتها .. وحسبك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث على حسن التعامل معها في أكبر تجمع للمسلمين وذلك في حجة الوداع حيث يقول: "استوصوا بالنساء خيراً" ؛ بل الأمر بالعشرة الحسنة، والمعاملة بالمعروف للمرأة أكبر من أن يؤكد عليها برسالة فقط، فنزل القرآن آمراً بها ومخلداً لها إلى قيام الساعة .. قال الحق عز وجل : (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) النساء، الآية: 19 .

 

أما الطرف الثاني:  فقد أطلقوا لها الزمام وتركوا الحبل على الغارب .. فغرقت المرأة في بحر الشهوات وأهدرت كرامتها بيدها.. وهذا لا شك مخالف لمبدأ القوامة الذي أعطاه الله للرجال فقال عز وجل: (وللرجال عليهن درجة) البقرة، الآية: 228 . لكي يمنع التسيب والتنصل من المسؤولية في الأسرة المسلمة.

 

لقد نتج عن هذا الطرف وذاك نتائج وخيمة أحدثت شرخاً في الأسرة المسلمة ومن هذه النتائج على سبيل المثال:

حالات الطلاق وما يترتب عليه من إضاعة للأولاد غالباً وتفكيك للأسرة بكاملها.

كثرة المشكلات الزوجية التي لا تجعل من الأسرة محضناً تربوياً سليماً له الأثر الكبير على تربية الأجيال المسلمة.

 

إن أخطاء بعض الرجال بحق المرأة، استغلت استغلالاً ماكراً من قبل أهل الأهواء من علمانيين وغيرهم .. وصاروا يضخمون هذه الأخطاء ويعممونها، ويغزون المرأة بكسر قيد الطاعة لزوجها بعبارات ظاهرها معسول وباطنها سم زعاف، كعبارة "تحرير المرأة ومساواتها بالرجل" وهذا ما يفعله بعض الذئاب البشرية اليوم، الذين يكتبون عن المرأة عبر المجلات النسوية، والتي ابتلي بعض المسلمين بشرائها ومتابعتها.. وقصارى القول ، فإن خطأ الرجل بحق زوجته ـ إفراطاً أو تفريطاً ـ ذنب سيسأل عنه أمام الله لقوله صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .. ، والرجل راع على أهل بيته".

 

وعند النسائي: "إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".

 

 


المبحث الثالث

أخطاء يقع فيها بعض الأزواج

 

سيتركز الحديث حول بعض الأخطاء المهمة التي يقع فيها الرجل "تجاه زوجته"، مع توضيح الصورة المشرقة الصحيحة لتعامل سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام مع زوجاته أمهات المؤمنين.

 

أولاً: عدم تعليم الزوجة تعاليم دينها.. وأحكام شريعتها..

 

فهناك من النساء من لا يعرفن كيف يصلين الصلاة الصحيحة!!

 

ومنهن من لا تعرف أحكام الحيض والنفاس !!

 

ومنهن من لا تعرف كيف تتعامل مع زوجها معاملة شرعية!! أو كيف تربي أبناءها تربية إسلامية!!

 

بل قد يقع البعض منهن في الشرك والعياذ بالله وهن لا يشعرن .. كالنذر لغير الله، والسحر والكهانة.

 

ولكن وبالمقابل تجد كل همها أن تتعلم كيف تعمل الطبخة الفلانية وكيف تجهز الأكلة الفلانية لأن زوجها يسألها عن ذلك.

 

ولكن كيف تتوضأ للصلاة؟!

 

وكيف تؤديها؟!

 

هذا أمر لا يهتم به الزوج ولا يسأل عنه .. وهذا لا شك تضييع لمبدأ التعاون على البر والتقوى كما قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) المائدة، الآية: 2، وإخلال بالمسؤولية التي قال عنها صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهله" وحسبك أن تعلم أهمية العلم الشرعي للمرأة المسلمة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج امرأة لرجل وجعل صداقها شيئاً من كتاب الله. كما أنه صلى الله عليه وسلم خصص يوماً للنساء يعظهن فيه.

 

أيها الزوج الكريم: إن طرق وسائل تعليم المرأة أمور دينها كثيرة ـ ولله الحمدـ نذكر لك بعضها:

 

تهديها كتباً عن الإسلام وأحكامه وتناقشها فيها.

تهديها شريطاً وتطلب منها أن تلخص لك ما ذكره المحاضر في محاضرته.

تحضرها إلى الدروس والندوات والمحاضرات التي يلقيها المشايخ وطلبة العلم في المساجد.

تتدارس معها كتاباً من الكتب مثل: رياض الصالحين أو كتاب التوحيد.

تخبرها كل جمعة عن موضوع الخطبة وتناقشها فيه.

تربطها بصحبة صالحة وتساعدها على حضور مجالس الذكر معهن.

تحرص على حضورها ـ إن أمكن ـ إلى المراكز النسائية التي تقوم على إدارتها الصالحات من النساء.

تكون في بيتك مكتبة فيها مجموعة من الكتب الإسلامية وتحثها على الاطلاع والقراءة.

تخصص هدية شهرية لها إن هي حفظت من كتاب الله بعض السور أو الآيات.

تحثها على استماع إذاعة القرآن الكريم.

 

ثانياً: تلمس الزلات وتتبع العثرات :

 

وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فيما يرويه جابر رضي الله عنه قال : "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً". وذلك مخافة أن يتخونهم، أو يتلمس عثراتهم، ومن تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في عقر داره أو جوف بيته ؛ بل على الزوج أن يتحمل ويتغاضى عن تقصير زوجته في بعض حقوقه .. وتباطئها في تنفيذ بعض أوامره وأن لا يكثر من المحاسبة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً".

 

والحديث فيه فوائد عديدة منها:

إن تقويم الإعوجاج يكون برفق حتى لا يكسر، ولا يترك فيستمر على عوجه .. خاصة إذا تعدى الإعوجاج من نقص هو في طبيعة المرأة إلى معصية بمباشرة منكر أو ترك واجب.

 

قال ابن حجر: وفي الحديث "سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن، وأن من رام تقويمها فاته الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه،فكأنه قال : الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها"

 

ثالثاً: الظلم بإيقاع العقوبات التي لا تتناسب مع الخطأ الذي وقعت فيه المرأة ومن صور ذلك:

 

 

استخدام الضرب كأول خطوة للعلاج: والله عز وجل يقول (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغـوا عليهنّ سبيلاً) النساء، الآية: 34. فإذن الموعظة ثم الهجر ثم الضرب غير المبرح. لقوله صلى الله عليه وسلم "استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن، فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرح"

ومن الظلم في مبدأ العقوبات: إخراج الزوجة من بيتها بدون مسوغ شرعي يقتضي ذلك والله عز وجل يقول: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه).الطلاق، الآية:1.

ومن الظلم في مبدأ العقوبات: الضرب على الوجه والسب والتقبيح. جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ما حق المرأة على زوجها؟ فقال: "أن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبح ، ولا يهجر إلا في البيت".

 

ومن أخطاء الرجال في حق زوجاتهم:

 

رابعا:ً التقتير في النفقة:

 

إن نفقة الزوج على زوجته واجبة بالكتاب والسنة والإجماع. قال الله تعالى: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) البقرة، الآية :233 ، والمعروف: المتعارف عليه في عرف الشرع من غير إفراط ولا تفريط .. وإنما استحقت الزوجة هذه النفقة لتمكينها له من الاستمتاع بها، وطاعتها له، والقرار في بيته وتدبير منزله، وحضانة أطفاله وتربية أولاده... فإذا ابتليت المرأة بزوج شحيح بخيل يمنعها حقها في النفقة بغير مسوغ شرعي فلها أن تأخذ من ماله ما يكفيها بالمعروف، وإن لم يعلم الزوج. قالت هند بنت عتبة: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم؟فقال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".

 

أيها الزوج الكريم:

إن النفقة على زوجتك وأولادك صدقة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة".

ويقول أيضاً عليه أفضل الصلاة والسلام: "أفضل دينار: دينار ينفقه الرجل على عياله".

 

خامساً: الغلظة والرعونة وعدم التلطف مع الأهل:

 

وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم" .. وروى الترمذي بسند فيه انقطاع: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وألطفهم بأهله" .. ومن التلطف إدخال السرور عليهم باللهو المباح، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "كل شيء ليس من ذكر الله لهو أو سهو، إلا أن يكون أربع خصال: ومنها ملاعبة الرجل أهله". وقد قال صلى الله عليه وسلم لعائشة: "تعالي حتى أسابقك" قالت "فسابقني فسبقته" ومن الملاطفة أن تطعمها بيدك، يقول عليه أفضل الصلاة والسلام: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك".

ومن التلطف مع الزوجة نداؤها بأسماء التدليل وأحياناً بالترخيم لزيادة المحبة والمودة. فقد كان عليه الصلاة والسلام ينادي عائشة رضي الله عنها فيقول :"يا حميراء، أتحبين أن تنظري إليهم" وأحيانً كان يناديها فيقول: "يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام".

 

سادساً: استنكاف الرجل عن مساعدة زوجته في بعض شؤون البيت .. بل بعض الجهال يعده من خوارم الرجولة ... وهذا هو سيد الرجال عليه أفضل الصلاة والسلام تحدث عنه عائشة وقد سئلت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يصنع في بيته؟! قالت : كان يكون في مهنة أهله "تعني في خدمة أهله" فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة. كيف لا يكون كذلك وهو الذي يقول صلى الله عليه وسلم: "أنا خيركم لأهلي".

 

سابعاً: نشر أسرار زوجته وعيوبها. فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها".

 

ثامناً: تسرع وتساهل بعض الأزواج في طلاق زوجاتهم.

أيها الزوج الكريم: إن الصلة بينك وبين زوجتك من أقدس الصلات وأوثقها، وليس أدل على قدسيتها من أن الله عز وجل سمى العهد بين الزوج وزوجته بالميثاق الغليظ فقال: (أخذن منكم ميثاقاً غليظاً ) النساء، الآية: 21 . ولذلك كان حل رابطة الزواج، وإنهاء العلاقة الزوجية أمراً بغيضاً في الإسلام لما يترتب عليه من تفكيك للأسرة وتشتيت لأفرادها. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق". فلا ينبغي للمسلم أن يقدم عليه دون مسوغ مقبول.

 

أيها الزوج الكريم: إن الطلاق لم يشرع في الإسلام ليكون سيفاً مصلتاً على رقبة المرأة كما يعتقد بعض الأزواج، ولا شرع ليكون يميناً تؤكد به الأخبار كما يفعل بعض الجهال، ولا ليكرم به الضيوف، ولا لحمل المخاطب على فعل شيء أو الامتناع عن شيء مثل ما اعتاد عليه بعض الناس حيث يقول مخاطباً صديقه: "عليّ الطلاق إلا ....." فهذا خطأ عظيم وانحراف كبير في استعمال هذا الأمر الشرعي...

 

أيها الزوج الحبيب: إن الإسلام لا يغفل عن الواقع، فقد ينشب الخلاف بين الزوجين، مما يؤدي إلى الطلاق، ولكن لا يجوز أن يكون الطلاق الخطوة الأولى في حسم خلافك مع زوجتك؛ بل لا بد من أن تلجأ إلى الكثير من الوسائل قبل الطلاق لعلاج هذا الخلاف. فلا تعجل ولا تتسرع بالطلاق فتندم بعد فوات الأوان.

 

همسة: يحرم عليك شرعاً أن تطلق زوجتك وهي حائض أو في طهر قد جامعتها فيه !! أو أن تطلقها ثلاثاً في مجلس واحد.!

 

تاسعاً: الإقدام على تعدد الزوجات دون مراعاة ضوابطه الشرعية:

 

لا ريب أن الزواج من الثانية والثالثة والرابعة أمر شرعه الله ؛ ولكن الملاحظ أن البعض ممن يرغب تطبيق هذه "السنة" أو ممن طبقها فعلاً لا يبالي بتقصيره في واجباته وإخلاله بكثير من مسؤولياته تجاه زوجته الأولى وأبنائه. والله عز وجل يقول: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) النساء، الآية:3، وهذا التقصير والتفريط ليس من العدل الذي أمر الله به..

 

أيها الزوج الكريم إن التعدد حق ولكن .. إذا لم تحسن استخدامه، وتلتزم بشروطه ومسؤولياته فإنه يهدم البيوت ويشرد الأطفال، ويزيد في المشكلات الأسرية والاجتماعية .. فقدر التبعة وتدبر الأمور قبل الشروع فيه ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه.

 

عاشراً: ضعف الغيرة .. وله صور كثيرة: أن يسمح للرجال الأجانب بمصافحة زوجته أو مخالطتها، وهذا مما ابتليت به بعض الأسر التي جهلت أحكام الدين من ناحية وتأثرت بالفرنجة وأهل الأهواء من ناحية أخرى، فيترك زوجته تختلط مع أخيه (أي أخ الزوج) أو أبناء عمومته، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إياكم والدخول على النساء". فقال رجل من الأنصار : أرأيت الحمو؟ - أي أقارب الزوج من غير المحارم- قال: "الحمو الموت".

ومن صور ضعف الغيرة : - تركها مع السائق تجوب الأسواق والطرقات بالسيارة. وكم من المشكلات نشأت من هذا التفريط وكم من الأسر تفككت نتيجة لهذه المعاصي.

 

 

 


 

المبحث الرابع:

عشر وصايا لزوجة تريد

 

عشر وصايا إلى المرأة ... إلى الزوجة .. إلى صاحبة البيت وأم الأولاد التي تريد أن تجعل من بيتهاعشاً هادئاً ومكاناً آمناً تسوده المحبة والرحمة والسكينة والألفة.

 

يا أيتها المؤمنة:

 

عشر وصايا أضعها بين يديك، ترضين بها ربك، وتسعدين بها زوجك، وتحفظين بها عرشك.

 

الوصية الأولى: تقوى الله والبعد عن المعاصي:

 

إذا أردت أن تعشش التعاسة في بيتك، وتفرخ فاعصي الله !!

 

إن المعاصي تهلك الدول وتزلزل الممالك .. فلا تزلزلي بيتك بمعصية الله ولا تكوني كفلانة عصت الله .. فقالت نادمة باكية بعد أن طلقها زوجها: جمعتنا الطاعة وفرقتنا المعصية.. يا أمة الله .. احفظي الله يحفظك ويحفظ لك زوجك وبيتك . إن الطاعة تجمع القلوب وتؤلف بينها والمعصية تمزق القلوب وتشتت شملها..

 

ولذلك كانت إحدى الصالحات إذا وجدت من زوجها غلظة ونفرة .. قالت: أستغفر الله .. ذلك بما كسبت يداي ويعفو عن كثير.

 

فالحذر الحذر أختي المسلمة من المعاصي وعلى الأخص:

 

ترك الصلاة أو تأخيرها أو أداؤها على غير الوجه الصحيح.

مجالس الغيبة والنميمة والرياء والسمعة.

انتقاص الآخرين والسخرية منهم:( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن). الحجرات، الآية :11 .

الخروج إلى الأسواق بغير ضرورة وبدون محرم "أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها".

تربية الأطفال تربية غربية، أو ترك تربيتهم للخادمات والمربيات الكافرات.

تقليد الكافرات، "فمن تشبه بقوم فهو منهم".

مشاهدة الأفلام الخليعة واستماع الأغاني.

قراءة المجلات الماجنة.

دخول السائق والخادمة إلى المنزل بلا ضرورة.

إهمال الزوج ومعصيته.

مصاحبة الفاجرات والفاسقات "المرء على دين خليله".

التبرج والسفور.

 

 

 

الأمر الثاني:  التعرف على الزوج:

 

أن تتعرف المرأة على زوجها، تعرف ماذا يحب فتحاول أن تلبيه، وتعرف ماذا يكره فتحاول أن تجتنبه مالم يكن في التلبية أو الاجتناب لأمر ما معصية لله فعندئذٍ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .. واسمعي لهذه المرأة الحكيمة التي حاولت أن تتعرف على زوجها..

 

قال الزوج لصاحبه: من عشرين عاماً لم أر ما يغضبني من أهلي...

 

فقال صاحبه متعجباً : وكيف ذلك...

 

قال الزوج: من أول ليلة دخلت على امرأتي، قمت إليها فمددت يدي نحوها، فقالت: على رسلك يا أبا أمية .. كما أنت، ثم قالت: الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله .. إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأتركه، ثم قالت: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك.

 

قال الزوج لصاحبه: فأحوجتني والله إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله وأصلي على النبي وآله وأسلم.

 

وبعد: فإنك قلت كلاماً إن ثبت عليه يكن ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجة عليك.. أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا.. ومارأيت من حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها. فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟! قال: ما أحب أن يملني أصهاري .. ] يعني لا يريدها تكثر من الزيارة[ ..

فقالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له؟ ومن تكره فأكره؟ .. قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء...

 

قال الزوج لصاحبه: فبت معها بأنعم ليلة، وعشت معها حولاً لا أرى إلا ما أحب.. فلما كان رأس الحول.. جئت من عملي .. وإذا بأم الزوجة في بيتي .. فقالت (أم الزوجة) لي: كيف رأيت زوجتك.

 

قلت: خير زوجة .. قالت: يا أبا أمية .. والله ماحاز الرجال في بيوتهم شراً من المرأة المدللة .. فأدب ما شئت أن تؤدب، وهذب ما شئت أن تهذب .. قال الزوج : فمكثت معي عشرين عاماً لم أعتب عليها في شيء إلا مرة وكنت لها ظالماً"..

 

ما أسعدها من حياة .. والله لا أدري أأعجب من الزوجة وكياستها أم من الأم وتربيتها أم الزوج وحكمته .. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

 

ثالثاً: الطاعة المبصرة للزوج وحسن المعاشرة.

إن حق الزوج على زوجته عظيم .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت آمراً أحداً أٍن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها". وأول هذه الحقوق الطاعة في غير معصية الله، وحسن عشرته وعدم معصيته قال عليه أفضل الصلاة والسلام: "اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبق من مواليه حتى يرجع، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع". ولذلك قالت عائشة أم المؤمنين تعظ النساء: "يا معشر النساء لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها".

 

أنت من خير النساء!!

بطاعتك لزوجك وحسن معاشرته تكونين بإذن الله من خير النساء، قيل يا رسول الله أي النساء خير؟ قال : "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره". واعلمي أنك من أهل الجنة بإذن الله إن اتقيت الله وأطعت زوجك لقوله صلى الله عليه وسلم: "المرأة إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت".

 

رابعاً: القناعة:

نريد من المرأة المسلمة أن ترضى بما يقسم لها قل أو كثر .. فلا تطلب من زوجها مالا يستطيع عليه أو مالا تمس الحاجة إليه .. وقد ورد في الأثر : "أعظم النساء بركة" .. من هي يا ترى"! أهي التي تلبس أغلى الثياب ولو اقترض زوجها ثمنها من بعض الأصحاب؟ كلا .. والله .. "أعظم النساء بركة، أيسرهن مؤنة".

 

وتأملي أختي المسلمة أدب نساء السلف رضي الله عنهن.. كانت إحداهن إذا هم زوجها بالخروج من البيت أوصته وصية .. ما هذه الوصية!! تقول له : "إياك وكسب الحرام ، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار" .. أما بعض نسائنا اليوم فبماذا يوصين أزواجهن إذا هموا بالخروج من البيت؟ اترك الإجابة على هذا السؤال لأني على يقين أنك أعلم بالإجابة مني.

 

خامساً: حسن تدبير شؤون البيت:

ومن حسن التدبير: تربية الأولاد وعدم تركهم للخادمات، ونظافة البيت وحسن ترتيبه ، وإعداد الطعام في الوقت المناسب . ومن حسن التدبير: أن تضع المرأة مال زوجها في أحسن موضع .. فلا تسرف في الزينة والكماليات وتخل بالضروريات..

وتأملي حفظك الله في قصة هذه المرأة .. امرأة الحطاب ...

قالت : إن زوجي إذا خرج يحتطب (يجمع الحطب من الجبل) أحس العناء الذي لقيه في سبيل رزقنا، وأحس بحرارة عطشه في الجبل تكاد تحرق حلقي، فأعد له الماء البارد حتى إذا ما قدم وجده، وقد نسقت و رتبت متاعي وأعددت له طعامه، ثم وقفت أنتظره في أحسن ثيابي، فإذا ما ولج الباب استقبلته كما تستقبل العروس عروسها الذي عشقته، مسلمة نفسها إليه .. فإذا أراد الراحة أعنته عليها، وإن أرداني كنت بين ذراعيه كالطفلة الصغيرة يتلهى بها أبوها..

 

سادساً: حسن معاشرة أهل الزوج وأقاربه:

وأخص بذلك أمه التي هي أقرب الناس إليه .. فيجب أن تتوددي إليها، وتتلطفي معها، وتظهري الاحترام لها، وتتحملي أخطاءها، وتنفذي في غير معصية الله ـ أوامرها ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. كم من البيوت دخلها الشقاق والخلاف، بسبب سوء تصرف الزوجة تجاه أم زوجها .. وعدم رعايتها لحقها .. تذكري يا أمة الله أن التي سهرت وربت هذا الرجل الذي هو زوجك الآن .. هي هذه الأم .. فاحفظي لها جهدها وقدري عملها حفظك الله ورعاك .. (هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان).الرحمن، الآية:60 .

 

سابعاً: مشاركة الزوج في أحاسيسه ومشاعره ومقاسمته همومه وأحزانه.

 

إذا أردت أن تعيشي في قلب زوجك فعيشي همومه وأحزانه .. ولعلي أذكرك بامرأة ظلت تعيش في قلب زوجها حتى بعد موتها.. لم تنسه السنون حبها. .. ولم يمح تطاول الدهر أثرها في قلبه .. ظل يذكرها ... ويذكر مشاركتها له في محنته وشدته  في ابتلائه وكربته.... ظل يحبها حباً غارت منه زوجته الثانية التي تزوجها بعدها.. فقالت ذات يوم: "ماغرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني، لما كنت أسمعه يذكرها".. وفي رواية .. "ماغرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها".. وذات مرة قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر خديجة: "كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول لها: إنها كانت وكانت" .. وجاءت رواية أحمد في مسنده لكي تفسر كانت وكانت فقال: "آمنت بي حين كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد".

إنها خديجة التي لا ينسى أحد تثبيتها للنبي صلى الله عليه وسلم، وتشجيعها إياه، ووضعها كل ما تملك تحت تصرفه من أجل تبليغ دين الله للعالمين..

 

لا ينسى أحد قولتها المشهورة التي جعلت النبي مطمئناً بعد اضطراب وفرحاً بعد اكتئاب، لما نزل عليه الوحي لأول مرة: "والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق". فكوني يا أختي المسلمة كخديجة ـ رضي الله عنها وعنا جميعاً ـ.

 

ثامناً: شكر الزوج على جميل صنيعه:

وعدم نسيان فضله.. من لم يشكر الناس لم يشكر الله .. فلا تكوني من اللاتي لو أحسن إليها زوجها الدهر كله ثم رأت منه شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط .. ولقد قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار! فقلن : يا رسول الله ولم ذلك؟ قال : تكثرن اللعن، وتكفرن العشير" وكفران العشير..  جحود فضل الزوج وعدم القيام بحقه.

أيتها الزوجة الكريمة: شكر الزوج يكون ببسمة على ميحاك تقع في قلبه فتهون عليه بعض ما يلقاه في عمله أو بكلمة حانية ساحرة تفيد حبك في قلبه غضاً طريا..ً أو بكلمة بإعذاره عن خطئه في حقك .. وأين هذا الخطأ في بحر فضله وإحسانه إليك...

همسة: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عنه".

 

تاسعاً: كتمان أسرار الزوج وستر عيوبه:

 

الزوجة موطن سر الزوج، وألصق الناس به وأعرفهم بخصائصه .. ولئن كان إفشاء السر من الصفات الذميمة من أي شخص كان، فهو من الزوجة أعظم وأقبح بكثير.

 

إن مجالس بعض النساء لا تخلو من كشف وفضح لعيوب الزوج أو بعض أسراره؛ وهذا خطره جسيم وإثمه عظيم؛ ولذلك عندما أفشت إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم سراً من أسراره جاء العقاب صارماً فقد آلى الرسول صلى الله عليه وسلم على نفسه ألا يقربها شهراً كاملاً.

 

وأنزل الحق عز وجل بهذا الحدث قرآناً فقال عز وجل: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً، فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض).التحريم، الآية: :3 .

وإبراهيم عليه الصلاة والسلام عندما زار ابنه إسماعيل طرق عليه الباب، فلم يجده، فسأل امرأته عنه فقالت: "خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بشر، نحن بضيق وشدة، فشكت إليه.. فقال إبراهيم عليه السلام: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه .. فعندما جاء إسماعيل وأخبرته زوجته بالذي حصل .. فقال إسماعيل: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، إلحقي بأهلك فطلقها" .. فإبراهيم عليه السلام رأى أن المرأة التي تكشف سر زوجها وتشتكي زوجها بهذه الصورة المتشائمة لا تليق أن تكون زوجة لنبي فأمره بطلاقها..

 

فحافظي أختي المسلمة على أسرار زوجك واستري عيوبه ولا تظهريها إلا لمصلحة شرعية كالتظلم عند القاضي أو المفتي أو من ترجين نصحه .. كما فعلت هند رضي الله عنها عند الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وأولادي .. أفآخذ من ماله بغير إذنه؟! فقال صلى الله عليه وسلم : "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". وحسبك أختي المسلمة قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه".

 


وأخيراً: الفطنة والكياسة .. والحذر من الأخطاء ..

 

فمن الأخطاء:

وصف الزوجة لزوجها محاسن بعض النساء اللاتي تعرفهن .. وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: " لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها".

هل تعرفين لماذا؟

 

ومن الأخطاء: ما تفعله كثير من الزوجات عند رجوع أزواجهن من العمل .. فما أن يجلس الزوج مستقراً حتى تذكره بما يحتاجه البيت من مطالب، وما يجب عليهم تسييره من الأمور، ومصاريف الأولاد .. والزوج لا يرفض الحديث في مثل هذه الأمور، ولكن يجب أن تتحين الزوجة الوقت المناسب لذلك..

 

ومن الأخطاء: ارتداء أحسن الثياب والتحلي بأحسن الحلي عند الخروج من البيت، وأما عند الزوج .. فلا جمال ولا زينة .. إلى غيره من الأخطاء التي تنغص على الزوج متعته بزوجته، والزوجة الفطنة هي التي تجتنب ذلك كله .. وإليك وصية تلك الأم الحكيمة لابنتها وهي تعظها فقالت:

 

أي بنية، إنك قد فارقت بيتك الذي فيه درجت، إلى رجل لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أمة يكن لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشراً يكون لك ذخراً:

 

أما الأولى والثانية : فالخشوع له بالقناعة ، وحسن السمع والطاعة.

أما الثانية والرابعة: فالتفقد لموضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.

 

وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت نومه وطعامه، فإن ثورات الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.

 

وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.

 

وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.

 

ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مهموماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.


 

 

وقفة معك أيها الزوج

 

إن لك أن تعلم أن للمرأة هموماً وأحزاناً تفوق همومك وأحزانك، وأنها كائن حي رقيق تحتاج إلى من يطببها ويساعدها ويعطيها من وقته، فإذا كنت أنت ـ أيها الزوج الحنون ـ بعيداً عنها وعن مساعدتها ومداواتها، فإلى من تسعى؟ فهي لا ترتضي سواك صديقاً ولا ترتضى سواك طبيباً.

 

واعلم أن جلوسها في البيت لا يعني شعورها بالراحة والهدوء، فإن لديها أبناء تتعامل معهم وتربيهم لتنشئهم نشأة صالحة، وكل هذا يحتاج منها إلى جهد نفسي وقلبي وجسدي أكبر من الجهد الذي تقوم به أنت في مكتبك أو مصنعك، ولو تبادلت معها الوظيفة لما استطعت عليها ساعة من نهار، كيف لا؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل وظيفتها بالجهاد في سبيل الله  هو ذروة سنام الإسلام". ثم نذكرك كلما وقعت عيناك على تقصير من زوجتك تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر، أو قال غيره". واختم بهذه القصة ليتضح لك المقصود: "فقد روي أن رجلاً جاء إلى عمر ابن الخطاب – رضي الله عنه – يشكو سوء خلق زوجته، فوقف على بابه ينتظر خروجه، فسمع امرأة عمر تستطيل عليه بلسانها وتخاصمه، وعمر ساكت لا يرد عليها، فانصرف الرجل راجعاً، وقال إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلابته وهو أمير المؤمنين، فكيف حالي؟

 

وخرج عمر فرآه مولياً عن بابه فناداه وقال: ما حاجتك أيها الرجل؟ فقال: ياأمير المؤمنين، جئت أشكو إليك سوء خلق امرأتي واستطالتها علي، فسمعت زوجتك كذلك فرجعت وقلت إذا كان هذا حال أمير المؤمين مع زوجته ، فكيف حالي؟ فقال عمر: يا أخي .. إني أحتملها لحقوق لها عليّ إنها لطباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لولدي، ويسكن قلبي بها عن الحرام، فأنا أحتملها لذلك.

 

فقال الرجل: يا أمير المؤمنين . .وكذلك زوجتي، قال عمر: فاحتملها يا أخي، فإنما هي مدة يسيرة".

 

فانظر إلى محاسن زوجتك كلما رأيت منها تقصيراً أو تفريطاً...


 

الخاتمة

 

وبعد هذه الجولة نضع بين أيديكم حديثين عظيمين الأول : نهديه إلى الزوج الكريم حيث يقول عليه السلام:

"لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر".

 

فانظر إلى محاسن زوجتك كلما رأيت منها تقصيراً أو تفريطاً .. وتذكر أن أولادك بحاجة إلى حنان أمهم وهم بحاجة إلى أن يروا أبويهما ينعمان بحب ووئام ... وتفاهم وانسجام ..

وأما الحديث الثاني فلك أنت يا أم الأولاد فاسمعي إلى ما يقوله عليه أفضل الصلاة والسلام : " ونساؤكم من أهل الجنة: الودود، الولود، العؤود على زوجها، التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول: لا أذوق غمضاً حتى ترضى".

 

فالمرأة المسلمة التقية لا تستطيع أن تنام وزوجها عليها غضبان، فهلمي حفظك الله ضعي يديك في يده وتعاهدا على "أسرة بلا مشكلات".

 

* همسة : لا تنسيا أن تقولا: "بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا".== 

لباس المرأة أمام النساء كتبه  الشيخ الفاضل
ناصر بن حمد الفهد

1421

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

 

فقد شرع الله سبحانه الحجاب وفرضه على النساء رفعة لأمرهن وصيانة لهن من التبذل والتهتك، وحماية للمجتمع من المفاسد والرذائل، فكان أمر النساء قائما على وجوب الستر والحماية من موجبات التبرج والسفور ، فأمر الله سبحانه النساء بأن يدنين عليهن من الجلابيب ، وأن يغطين وجوههن ، وأن لا يبدين زينتهن لغير محرم ، وأمرهن بالقرار في البيوت ، ونهاهن عن تبرج الجاهلية ، و حرم عليهن الخلوة مع الرجال أو الاختلاط بهم،أوالسفر بدون محرم ، وغير ذلك مما هو مشهور عند العامة والخاصة ، وكل هذا صيانة للنساء والرجال من الفتن وحماية للمجتمع من السقوط

ولم يزل هذا الأمر –حجاب المسلمات واستتارهن-عزيزا ظاهرا مشهورا منذ وقت النبي صلى الله عليه وسلم إلى القرن الرابع عشر – حتى في فترات ضعف المسلمين وانحلال كثير منهم– حيث استمر التمسك بالحجاب عمليا بين النساء لا يتركنه ،حتى سادت دعوات ما يسمى بتحرير المرأة فانطمست معالمه وخفيت في كثير من البلدان

وبقي الحجاب في هذه البلاد – ولله الحمد – ظاهرا لم يصبه ما أصاب البلدان الأخرى، إلا أن بداية انحلاله بدأت تظهر ، وتهاون كثير من النساء به لا يخفى على كل ذي عينين

وإن من أعظم ذرائع ترك الحجاب ونبذه ما انتشر في الآونة الأخيرة من ألبسة دخيلة وأزياء فاضحة ، ليست من لباس المسلمات العفيفات ولا من أزيائهن ، جلبت من ديار الكافرين ، فأصبح التباهي بها بين النساء مشهورا ، والتسابق على اقتنائها منتشرا ، كالثياب القصيرة والعارية والرقيقة الشفافة واللاصقة (ستريتش) والبناطيل ونحوها، فأصبحن يتباهين بها ويلبسنها في المحافل والمجامع النسائية بحجة أنه لا يراهن الرجال ،والله المستعان

وكل ما حصل إنما هو تصديق لما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال - ( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع) فقيل : يا رسول الله كفارس والروم فقال : (ومن الناس إلا أولئك ) 0

وما ثبت في الصحيح أيضا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :0

( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم )

قلنا : يا رسول الله اليهود والنصارى ، قال : (فمن) .0

 

ومثل هذه الألبسة والأزياء حرام قطعا ، لا يجوز لبسها أمام النساء أو الرجال، والأدلة على ذلك كثيرة منها

 

الدليل الأول

 

عموم أدلة الشرع الدالة على أن النساء عورات يجب سترهن ، ومن ذلك ما رواه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المرأة عورة ) ، فدل هذا الحديث على أن الأصل في المرأة أنها عورة فلا يستثنى إلا ما دل الدليل عليه ، وقد دل عمل الصحابة أن للمرأة أن تظهر للمرأة ما يظهر منها غالبا كالوجه واليدين والقدمين والشعر والجيد ونحوها ، أما عدا ذلك فلم يرد دليل على جواز إظهاره للنساء أو المحارم بل هو على الأصل في المنع ، وهذا الذي تدل عليه أقوال الصحابة فيما تظهره المرأة أمام المحارم

قال أبو الحسن ابن القطان رحمه الله تعالى :

(مسألة : المؤمنة ، هل يجوز لها أن تبدي للمؤمنة الأجنبية من جسدها ما ليس بعورة كالصدر والعنق والظهر ومراق البطن أم لا ؟

منهم من يقول : لا يجوز ، وهي عورة كلها في حق المرأة ، كما هي في حق الرجل ، وبه قال القاضي عبد الوهاب

ومنهم من يقول : يجوز لها أن تبدي من نفسها ما تبديه لذوي رحمها من الزينة ومواضعها وذلك الوجه والكفان والقدمان سواءا كانت المنظور إليها حسناء أو غير حسناء ، فهذا هو الأظهر) انتهى

وقال أيضا

(أما امتناع إبداء المرأة للمرأة ما زاد على ما تبديه لذوي محارمها فلما تقرر عادة من ولوع بعضهن ببعض، ولما يحصل من استحسان جالب للهوى موقع في الفتنة) انتهى

 

الدليل الثاني

 

ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن أمثال أسنمة البخت المائلة , لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها , ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس )

ومن لبست مثل هذه الأزياء فإنه يصدق عليها وصف النبي صلى الله عليه وسلم لها بأنها (كاسية عارية) ، ويترتب عليها الوعيد العظيم الوارد في الحديث.

ودخولها في هذا الحديث يكون على أحد وجهين :0

الوجه الأول : أن تكون (كاسيات عاريات) صفة عامة ، تشمل من اتصفت بها مطلقا سواءا من خرجت أمام الرجال على هذه الهيئة ، أو كان هذا لبسها أمام النساء ، لأن الوصف يصدق عليها في كلا الحالين ، وإن كان ذنب من خرجت (كاسية عارية) أمام الرجال أعظم وأغلظ ، إلا أن التي تكون كذلك أمام النساء يلحقها قسط من الذم والوعيد بحسب ما اتصفت به ، وتخصيص الحديث على صورة واحدة لايصح لعدم وجود الدليل على التخصيص ،ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه (رؤسهن أمثال أسنمة البخت المائلة) وهذه الصفة ليست خاصة بكونها أمام الرجال

الوجه الثاني : أن يلحقها الوعيد من جهة التشبه بـ (النساء الكاسيات العاريات)، ففي الحديث الصحيح ( من تشبه بقوم فهو منهم ) .0

فعلى أي الوجهين فإن الوعيد عظيم ، مما يدل على عظم هذا الذنب ، نسأل الله العافية والثبات

 

الدليل الثالث

 

أن هذه الألبسة والأزياء كلها –أو أكثرها- قد أتت من الكافرين ، وهي من أزيائهم وألبستهم ، فلبسها تشبه بالكفار ، والتشبه بالكفار محرم ومنهي عنه عموما، وخاصة التشبه بهم في اللباس :0

ففي الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له – وقد رأى عليه ثياب كفار- (إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها) .0

وفي الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أرسل إلى المسلمين في خراسان (إياكم والتنعم وزي أهل الشرك ) .0

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( من تشبه بقوم فهو منهم ) .0

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - عن هذا الحديث- :0

(وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله (ومن يتولهم منكم فإنه منهم )) انتهى .0

والتشبه بالكفار لا يلزم من فعله أن يكون قَصْدُ المتشبهِ أن يتشبه بهم ، ولكن مجرد الوقوع فيه كاف في إلحاق الوعيد ما دام عالما بأن هذا من فعل الكافرين .0

 

قال شيخ الإسلام أيضا :0

(والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه وهو نادر ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير) انتهى .0

والوقوع في التشبه بالكفار كما أنه محرم لذاته ، فإنه مؤد أيضا إلى مفسدة أخرى وهي المحبة والموالاة الباطنة لمن تشبه بهم في الظاهر كما قال شيخ الإسلام :0

(أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة )انتهى.0

وهذا هو الواقع ، فإن النساء اللائي يحرصن على هذه الأزياء تجدهن مفتونات بالكافرات في الغالب ، والله المستعان .0

الدليل الرابع :

 

أن كثيرا من هذه الأزياء فيها تشبه بالرجال ، وقد ورد الوعيد الشديد على من تشبه من النساء بالرجال :0

فقد روى البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عباس قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء ).0

وروى أحمد وأبو داود عن أبي هريرة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبس لبس المرأة , والمرأة تلبس لبس الرجل ) .0

وروى أبو داود عن عائشة أنها قالت : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء ).0

وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه رأى امرأة متقلدة قوسا وهي تمشي مشية الرجل فقال : من هذه ؟ فقيل : هذه أم سعيد بنت أبي جهل فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليس منا من تشبه بالرجال من النساء )

وهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن هذا الأمر من الكبائر لأن اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ولا يكون إلا على أمر عظيم .0

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :0

(وكذلك ايضا ليس المقصود مجرد حجب النساء وسترهن دون الفرق بينهن وبين الرجال بل الفرق أيضا مقصود حتى لو قدر أن الصنفين اشتركوا فيما يستر ويحجب بحيث يشتبه لباس الصنفين لنهوا عن ذلك ...ولهذا جاءت صيغة النهى بلفظ التشبه بقوله (لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء وقال لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ) ،والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب من أخلاقهم حتى يصير فيها من التبرج والبروز ومشاركة الرجال ما قد يفضى ببعضهن إلى أن تظهر بدنها كما يظهره الرجل وتطلب ان تعلو على الرجال كما تعلو الرجال على النساء وتفعل من الأفعال ما ينافى الحياء والخفر المشروع للنساء وهذا القدر قد يحصل بمجرد المشابهة وإذا تبين أنه لابد من أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يتميز به الرجال عن النساء وان يكون لباس النساء فيه من الاستتار والاحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا الباب وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة وإذا كان ساترا كالفراجى [نوع من الألبسة الساترة التي يلبسها الرجال] التى جرت عادة بعض البلاد أن يلبسها الرجال دون النساء ، والنهى عن مثل هذا بتغير العادات وأما ما كان الفرق عائدا إلى نفس الستر فهذا يؤمر به النساء بما كان أستر ولو قدر أن الفرق يحصل بدون ذلك فإذا اجتمع فى اللباس قلة الستر والمشابهة نهى عنه من الوجهين والله أعلم)انتهى.0

 

الدليل الخامس :0

 

أن هذه الأزياء مخالفة لهدي نساء المسلمين ، فإن الأصل في نساء المسلمين الستر والصيانة والاحتشام في مجالسهن ومحافلهن، وهذا هو الذي عليه هدي السلف والصالحات العفيفات من لدن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا العصر ، لا تجد هذه الألبسة الفاضحة من هديهن ولا من لباسهن و لا يرضين بها، بل ينهين عنها .0

فمن الإثم العظيم والضلال المبين أن تستبدل أزياء الكافرات بأزياء الصالحات الطاهرات، والله المستعان .0

 

الدليل السادس :0

 

أن لبس المرأة لمثل هذه الأزياء الفاضحة خرم للمرؤة ، وإفساد للفطرة ،ونزع للحياء منها ، والحياء هو تاج المرأة وأساس عفتها بإذن الله تعالى ، وهو العاصم بعد الله من الوقوع في الفواحش والمعاصي :0

وفي الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحياء لا يأتي إلا بخير) .0

و فيهما أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (الحياء من الإيمان) . 0

وروى أبو داود والنسائي وغيرهما عن يعلى بن أمية رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر).0

والمرأة بسقوط قناع الحياء عنها تسقط في مهاوي الرذيلة والعياذ بالله .0

 

الدليل السابع :0

 

أن لبس هذه الأزياء ذريعة لترك الاحتشام مطلقا، ونبذ الحجاب كله، والخروج أمام الرجال ، أو إبداء بعض الزينة لهم، أو التهاون في الستر أمامهم ، وكل هذا حاصل بالفعل ممن يلبسن هذه الأزياء ، تجدهن من أشد النساء تساهلا في الحجاب والستر، وما ذاك إلا لسقوط حرمة التستر في نفوسهن لما اعتدن على هذه الأزياء، والمنكر إنما يبدأ صغيرا ثم لا يلبث أن يكبر ويعظم –مع عدم وجود المنكرين له - حتى ينتشر شرره ويعم ضرره ويصعب تغييره ، ومن المعلوم المتقرر أن ما كان وسيلة مفضية إلى محرم فإن فعله محرم إذ للوسائل أحكام الغايات.

 

الدليل الثامن :0

 

أنه قد يحصل بسبب شيوع هذه الألبسة والأزياء من الفتن بين النساء شئ عظيم، فإن من النساء نساء قليلات الدين، عديمات المرؤة والحياء ، وقد يعجب بعضهن ببعض ويحصل بينهن أمور لا تحمد عقباها ، وتكون هذه الأزياء طريقا لإثارة الغرائز بينهن المؤدية إلى المحرم ، وقد تسقط العفيفة في ذلك أيضا إذا تهاونت وحضرت مثل تلك المحافل التي يلبس فيها النساء تلك الأزياء ، فإن النساء ضعيفات ، والشيطان حريص على إيقاعهن في حبائله ، والعاقلة من حصنت نفسها بالدين والعفاف وابتعدت عن مواطن الفتن .0

وقد سبق نقل قول ابن القطان :0

(أما امتناع إبداء المرأة للمرأة ما زاد على ما تبديه لذوي محارمها فلما تقرر عادة من ولوع بعضهن ببعض، ولما يحصل من استحسان جالب للهوى موقع في الفتنة) انتهى.0

 

وأخيرا :0

 

فالحصيفة من ابتعدت بنفسها عن الفتن ، فأرضت ربها ، وعملت بسنة نبيها صلى الله عليه وسلم ، وعلمت أن العزة في حجابها وسترها وحيائها ، وعلمت أن أعداء الإسلام يكيدون من أجل نزع حيائها ليسهل بعده نزع الحجاب، فتحصنت بالدين ، وتركت الشبهات ومواطن الريب ، وجعلت أمهات المؤمنين هن القدوة ، واتبعت آثار الصالحات، وصانت نفسها وبيتها من هذه الشرور .0

 

وعلى المسلم أن يقي نفسه وأهله أسباب عقوبة الله وموجبات سخطه بالنصح والتذكير والموعظة والأخذ على اليد فقد قال الله سبحانه (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) .0

اسأل الله تعالى أن يحمي نساء المسلمين من التبرج والسفور ومن أسباب الفتن .0

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .0

 

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماذا يأمرنا به الله تعالي في سورة الانسان؟

لأوامر العملية في القرآن من سورة الإنسان إلى سورة الغاشية   الأوامر العملية في سورة الإنسان ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْ...